وثيقة العمل السياسي لتيار سورية الجديدة

وثيقة العمل السياسي لتيار سورية الجديدة

 

 

مقدمة

أولاً: حق المقاومة وواجب التحرير

ثانياً: موجهات العمل السياسي والموقف من التسوية السياسية

ثالثاً: العَلَاقَةُ مَعَ مُؤَسَّسَاتِ الثَّوْرَةِ

رابعاً: الدولة السورية القادمة (نظرة على سورية المستقبل)

خامساً: الوحدة الوطنية


 

مقدمة

                تبيّن هذه الوثيقة تصورات وقيم العمل السياسي لتيار سورية الجديدة، وترسم محددات وضوابط هذا العمل، كما توضّح نظرتها وموقفها من عددٍ من القضايا المهمّة كالمهام الملقاة علينا في مرحلة الثورة وما بعدها، وعلاقة  التيار مع باقي مؤسسات الثورة، وتصور التيار عن الدولة السورية القادمة المنشودة، وغير ذلك من الموضوعات المهمة.

أولاً: حق المقاومة وواجب التحرير

  1. إنهاء تسلط نظام الأسد، وتحرير سورية من قوى الاحتلال الجاثمة عليها، حق وواجب على الشعب السوري، وهو هدف مشروع يسمح لشعبنا باستعمال كل الوسائل المشروعة التي تحقق هذا الهدف بأقل ثمن وأقصر مدة، ومن هذه الوسائل الحراك المدني والسياسي والعسكري والحقوقي.
  2. نظام الأسد هو نظام غير شرعي في وصوله إلى الحكم وفي ممارساته، وهو اليوم نظام مسلوب القرار، وسورية الآن دولةٌ مقسمة إلى مناطق نفوذ إقليمية ودولية، وإعادة توحيدها يتطلب جهداً سياسياً وعسكرياً على حد سواء. وفي هذا السياق، فإن أي تدخل عسكري أجنبي لا يخدم الشعب السوري ومصالحه، ولا يوقف نزيفه، ولا يحفظ حياته وكرامته، ولا يحقق أهداف ثورته، هو احتلال أجنبي .
  3. إن التغيير الديمغرافي هو من أخطر ما تمر به سورية اليوم وخاصة لكونه جزءاً من جهود خارجية متعددة تمزق أسس سورية الاجتماعية ومرتكزات استقرارها، ويندرج ضمن ذلك التغيير ذو الصبغة الطائفية الذي يقوم به النظام الإيراني، والذي لا يستهدف الشعب السوري فقط، بل يستهدف المنطقة بأكملها، وهو عدوان على الأمَّة العربية والإسلامية، ويشكّل خطراً حقيقياً، وتهديداً بالغاً لأمنها ومصالحها، كما أنّه معادٍ لتطلّعاتها في النهضة والتحرّر، وتهديد مباشر للأمن الإقليمي والدولي.
  4. خيار حمل السلاح فُرض على الشعب السوري فرضاً، وكل حديث عن "عسكرة" الثورة لصالح النظام هو تجاوز لواقع عاشه الملايين من السوريين وما زالوا يعيشونه، وهو ضرورة للدفاع عن النفس والعرض والممتلكات ولتحرير الوطن.
  5. إن امتلاك الشعب السوري للسلاح الذي انتزعه من النظام الأسدي المجرم، والذي دُفع ثمنه من قوت وعرق السوريين هو حق لا مساومة فيه، ويجب أن يتم تقنين حيازة هذا السلاح في سورية القادمة مع ضرورة أن تكون الدولة السورية الجديدة هي الجهة الوحيدة المسؤولة عن استعمال القوة في تطبيق القانون وحماية الحدود.
  6. إن الثوار المقاتلين، من ضباط وعسكريين ومدنيين، الذين حملوا راية الدفاع عن السوريين ورفع الظلم عنهم، يجب أن يتم تقدير جهودهم وتضحياتهم، ويجب أن يكونوا جزءاً أساسياً من المؤسسة العسكرية للدولة السورية القادمة إن شاءوا ذلك.

ثانياً: موجهات العمل السياسي والموقف من التسوية السياسية

  1. التمسك بالمستندات القانونية الناظمة للعملية السياسية ولا سيما وثيقة جنيف وقرار مجلس الأمن رقم 2254 بشأن سورية وكافة القرارات الدولية ذات الصلة، مع تأكيدنا أن هذه القرارات لا ترقى إلى مطالب الثورة السورية ولن نقبل أن تكون مدخلاً لإعادة الشرعية للنظام. إن القرارات الدولية ذات الصلة تؤكد على ضرورة الانتقال السياسي في سورية وتشكيل جسم حكم انتقالي كامل الصلاحيات بما فيها صلاحيات رئيس الجمهورية والحكومة ومؤسسات الأمن والدفاع، يعمل على إقامة بيئة حوار مجتمعي بين السوريين ويساهم في إزالة الاحتقان والانقسام الأفقي والعامودي الذي صبغ الحالة المجتمعية السورية وصولاً لمؤتمر شعبي عام يرسم محددات عقد اجتماعي جديد. وينبثق عن هذا الجسم الانتقالي حكومة انتقالية ومحكمة دستورية تتولى مهام المجلس الأعلى للقضاء وهيئات: (١) العدالة الانتقالية؛ (٢) وإعادة الإعمار؛ (٣) وشؤون المعتقلين والأسرى والمختفين قسرياً. (٤) والمهجرين واللاجئين.

بالإضافة إلى ذلك، يتم تشكيل مجلس عسكري مشترك من مهامه صياغة استراتيجية وطنية لإعادة هيكلة الجيش والقوات المسلحة والمؤسسات الأمنية، والعمل على مكافحة الإرهاب والتعامل مع ملف المقاتلين الأجانب والميليشيات الأجنبية وضبط السلاح وعمليات التسريح والدمج.

  1. إن هيئة الحكم الانتقالي هي الجهة المخولة بإقرار قانوني الأحزاب والانتخابات. تصدر هذه القوانين جمعيةٌ تأسيسيةٌ تعنى بقضايا الدستور والقوانين اللازمة لإدارة المرحلة الانتقالية. ولا ينبغي لأي قانون انتخابي أن يكرس التقسيم أو المحاصصة الحزبية أو الطائفية، أو الحدود الأمنية الراهنة أو التهجير، وإن أي تغيير في الحدود الإدارية وطبيعة النظام السياسي في سورية ينبغي أن يكون وفق إرادة السوريين واختيارهم وفي ظروف طبيعية وليس في ظروف قسرية انتزعت تحت ظروف الحرب وقوة السلاح؛ ولأن الأحزاب تعمل على قاعدة التنافس السياسي والسلمي للوصول إلى الحكم فإن ذلك يستدعي لازماً وجود قاعدة تشريعية تنهي ابتداءً كل القوانين المتعلقة بالمادة الثامنة من دستور 1973 الخاصة باحتكار حزب البعث للسلطة، لا سيما القوانين المرتبطة بمؤسستي الأمن والدفاع. تقوم هذه القاعدة التشريعية بالتأسيس لنظام سياسي يضمن المشاركة والتداول السلمي للسلطة، ولا يسمح بوجود أذرع عسكرية للأحزاب السياسية. تتيح هذه القاعدة تأسيس الأحزاب بحرية، وتضمن أن تكون أنظمة الأحزاب الداخلية متفقة مع النظام السياسي العام وأن تتحمل الأحزاب مسؤولية التصريح عن مصدر وطرق إنفاق مواردها؛ وأي قرار يتعلق بحظر الأحزاب المهددة للأمن العام والنظام السياسي في الدولة هو حكر على المحكمة الدستورية العليا أو جهة قضائية عليا مستقلة.
  2. قضية المعتقلين والمغيبين قسرياً هي قضية فوق تفاوضية وغير قابلة للتأجيل والتجزئة، وهي تشكل مع قضية النزوح والتهجير القسري في صلب اهتمامات العملية السياسية؛ فلا قيمة لأي حل سياسي لا يسبقه خروج كافة المعتقلين على خلفية آرائهم ومواقفهم الثورية وكشف مصير المغيبين قسرياً ؛ وهو إجراء فوق تفاوضي ينبغي الدفع به كخطوة استباقية لأي حل وهي خطوة تستلزم تموضع هذا الملف على رأس أولويات قوى المعارضة والثورة وإنجاز سياسات ملموسة في هذا الاتجاه، كما أن تحقيق العودة الطوعية الكريمة والآمنة للمهجرين هو الحل الأمثل للمشكلات الناجمة عن النزوح واللجوء، مع تأكيدنا على إعادة حقوق المهجرين والمعتقلين وتعويضهم. ويمكن العمل على ذلك من خلال طرح حزمة سياسات تدعم بالدرجة الأولى التنظيم والتحشيد وتعزيز الحقوق والهوية المحلية والسياسية، حيث لا يمكن تحقيق عودة مستدامة للمهجرين إلا بإعادتهم إلى مناطقهم الأصلية التي هجروا منها. ويدفع تيار سورية الجديدة في هذا الصدد باتجاه دعم المؤسسات الحقوقية وتشكيل روابط للمهجرين وخلق بيئة حوار وتكامل بين هذه المؤسسات والروابط ومساعدتها في تطوير أهدافها وآليات التحشيد والمناصرة؛ كما يسعى التيار إلى طرح قضية حق عودة المهجرين على طاولة أي تفاوض سياسي بشروط تحقق معايير الكرامة والمشاركة والأمن كشرط أساس في مقابل أطروحات إعادة تعويم نظام الأسد والسماح بدوران عجلة إعادة الإعمار خارج إطار الحل السياسي؛ وعليه سيعمل التيار على طرح برنامج وطني للعودة الكريمة والآمنة.
  3. إن عملية إعادة هيكلة مؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية ووظائفها هي الآلية الموضوعية التي تضمن إعادة إحياء الشروط الوطنية في هذه المؤسسات لتتحول من خدمة السلطة إلى خدمة الوطن والمواطن. فقد قامت فلسفة العمل الأمني في سورية على تكريس مجموعة من القواعد والأعراف الأمنية التي ساهمت في موت السياسة وتأليه الحاكم، وأضحت مصدراً، بالمعنى العرفي، للقوانين الناظمة للمجتمع، تُعيق أي فعل تطويري أو إصلاحي من شأنه إعادة هيكلة منظومة عمل السلطة وربط وظائفها بخدمة المواطن وتقدمه؛ لذا فإن المحددات الرئيسية لعملية التغيير في المؤسسات الأمنية والعسكرية يجب أن تنطلق من ضرورة أن ترتبط هذه العملية عضوياً مع التغيير الدستوري والقانوني والسياسي، ومع حركة الإصلاح العام واتجاهاته الوطنية، وأن تستند مرجعية بناء الأجهزة الأمنية والعسكرية على عاملين أساسيين: الوطنية والمهنية؛ وأن يخضع الجسم الأمني لآليات المراقبة والشفافية المالية والإدارية بالحد الذي لا يمس بسرية عملها، وأن يتم تحريم تدخل القوى المسلحة والأجهزة الأمنية في العمليات السياسية المؤسسة للمرحلة الانتقالية والإصلاح الأمني. وعليه فإن أهداف إعادة الهيكلة هذه تتمثل في حماية أمن الدولة والمواطن والحياة السياسية، وحماية حدود سورية وضمان وحدتها.
  4. تحتاج سورية إلى نظام سياسي مركزي في وظائف الدولة السيادية (الأمن - الدفاع - السياسة الخارجية - السياسة الاقتصادية العامة) ذو نظام قضائي مستقل؛ ونظام لامركزي في الشؤون المحلية التي تراعي الخصوصيات الثقافية والاجتماعية للمناطق؛ وبالتالي فإن اللامركزية الإدارية الموسعة هي الأنسب لجهة شكل الدولة. ويجب أن يكون هذا النظام ضامناً لعدم تغول سلطة على أخرى وأن يتم الفصل بين السلطات الثلاث، وألا يؤسس هذا النظام السياسي لاستئثار الأغلبية البرلمانية بالحكم أو أن يشكل استقطاباً سياسياً في البرلمان يعيق تشكيل حكومات جديدة أو يتسبب بعدم استقرار حكومي. إن النظام السياسي يجب أن يضمن أيضا عدم تكريس المحاصصة الطائفية أو العرقية والحسم في اتخاذ القرارات اللازمة لاستقرار سورية وإعادة إعمارها، ويعزز المحاسبة والرقابة على عمل الحكومة من خلال البرلمان والأجهزة القضائية المستقلة؛ ويكفل مشاركة الناس في اتخاذ القرارات التي تمس حياتهم على المستوى المحلي دون أن يتعارض مع النظام السياسي العام.
  5. إن الاتفاقيات الثنائية التي تم توقيعها من طرف نظام الأسد أو أي طرف آخر، وحملت تفريطا بالسيادة السورية أو تسليماً لمقدرات الشعب السوري وتخلٍّ عن استقلاله، هي اتفاقيات مرفوضةٌ رفضاً تاماً. وإن من حقّ الشعب السوري إعادة النظر في هذه الاتفاقيات ليأخذ قراره فيها بكل إرادة حرة.
  6. تلعب مؤسسات المجتمع المدني، بالتآزر مع مؤسسات الدولة السورية، دوراً كبيراً في تلبية حاجات المجتمع السوري والاستفادة من كل الطاقات الموجودة فيه وتسريع عملية التعافي الوطني.
  7. ينبغي أن تكون السياسة الخارجية السورية انعكاساً لثقافة سورية وحضارتها وقيمها السياسية، ومصالح شعبها المجتمعية والحكومية؛ وأن تعمل هذه السياسة بشكل حثيث على تعميق العلاقات مع بلاد العالم وفق منطق سياسي تشارك المؤسسات المعنية بالسياسة الخارجية في رسمه بما فيها لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان والتي تتطلب إعادة تفعيل كامل.
  8. إن الدفع باتجاه سياسة خارجية فاعلة لسورية لا يتحدد فقط من دوافع الواقعية (القوة والمصلحة الوطنية وتوازن القوى)، إنما ينطلق أيضاً من دوافع جيوستراتيجية باعتبار سورية محدداً رئيساً في معادلات أمن واستقرار المنطقة؛ وهي صلة وصل ما بين تركيا والمشرق والخليج العربي؛ إضافة لكونها ضلعاً رئيسياً في النظام السياسي الإقليمي. كما تنطلق من دوافع ديمغرافية كالسمات النوعية للمكونات الاجتماعية وما تمتلكه من إرث سياسي؛ والهوية العربية الإسلامية؛ ومحفزات الاتصال العضوي مع المجال الحيوي عبر العلاقات الأسرية والاجتماعية التي تتجاوز الحدود؛ ناهيك عن خبرات السوريين المتراكمة في قطاعات المال والأعمال والصناعة؛ وقطاعات الثقافة والعلوم الإنسانية والاجتماع والطب؛ كما أن السياسة الخارجية تنطلق من دوافع فرضها الصراع الدائر في سورية كالمشاركة الفاعلة في تثبيت الاستقرار وفق رؤية سوريّة تتقاطع مع المصالح الإقليمية والدولية. كما تنطلق من ضرورة تحرير دوائر صنع القرار من قيود الاستبداد كي يكون انعكاساً للإرادة الشعبية ومصلحة السوريين العليا؛ ومن ضرورة تبني سياسة عقلانية قادرة على تقديم استراتيجية وطنية – إقليمية لمكافحة الإرهاب بآليات أكثر نجاعة واستدامة ومراعاة لمصالح المجتمع السوري.
  9. يتوجب على عجلة الإصلاح أن تكون شاملة لكل القطاعات وعلى رأسها الاقتصاد والمال والتنمية، ولذلك لا يمكن إصلاح السياسة الاقتصادية والمالية والتنموية إلا في ضوء تغيير سياسي حقيقي ووضع أمني مستقر؛ وإن أحد أسباب الخلل الهيكلي في هذه القطاعات هو إخضاع البنية السورية لعدد من السياسات والنظريات التي يوجد بينها وبين المصلحة القومية السورية والرؤية السياسية والاجتماعية لسورية فجوة واسعة. إن بناء هذه الرؤية الخاصة بسورية لا يكفيها الحماس وحسن النية فقط، بل يحتاج رؤية اقتصادية تضمن مصالح وازدهار الشعب السوري، وتأخذ بالحسبان تقاطعات السياسة والمصالح والعلاقات الدولية. وعليه فإن رؤيتنا في هذا المجال تنطلق من عاملين أساسيين لا انفصام بينهما، وهما: تحقيق الازدهار الاقتصادي للفرد وضمان العدالة الاجتماعية في فرص تحقيق الثروة في الوقت ذاته. ولذلك فإن جهود الانفتاح على الاقتصاد العالمي يجب أن تأخذ بعين الاعتبار موازين القوى الاقتصادية وقدرة الاقتصاد السوري على عدم الذوبان ضمن منظومات اقتصادية أكثر نضوجاً.

ثالثاً: العَلَاقَةُ مَعَ مُؤَسَّسَاتِ الثَّوْرَةِ

  1. جميع المؤسسات والتيارات الثورية شركاء لنا في القضية، نتعاون معهم في الإطار المشترك المتفق عليه، ولن يمنع هذه الشراكة وهذا التعاون أي اختلافات بينية داخل الثورة.
  2. إن "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية" مؤسسة وطنية كان الأمل أن تكون جامعة للثورة والممثل السياسي لها، ولكن هذه المؤسسة لم تتمكن من القيام بالعمل الثوري المطلوب منها وعانت من اختلال في التأسيس والتمثيل. ورغبة منا بالحفاظ على المكاسب التي حققتها من خلال إنجاز هذا الجسم، وحرصا على وضعه في المسار الصحيح، نرى وجوب الحفاظ عليه شريطة إعادة هيكلته بشكل جذري، وانتقاله للعمل في الداخل السوري بشكل أساسي، وبآليات ديمقراطية واضحة وصحيحة.
  3. إن "الحكومة السورية المؤقتة" أمل تعثر؛ وحاجة للسوريين في المناطق المحررة تأخرت تلبيتها، ويجب أن تعمل جميع فصائل الثورة وكوادرها على تفعيل هذه الحكومة مع إنهاء تجاوزات الفصائل أو المجالس المحلية على صلاحياتها، كما يجب على الحكومة المؤقتة أن تكتسب الشرعية ثورياً وقانونياً بتحقيق الأمن وحاجات الناس الأساسية والعمل على إجراء انتخابات نزيهة وشفافة في المناطق المحررة.
  4. إن "الجيش الوطني السوري" يمثل حلاً متعثراً لإنهاء حالة التشرذم الفصائلي، وعلى قادة الفصائل الثورية أن تفعل هذه المؤسسة من خلال العمل على إنهاء تجاوزات الفصائل المنضوية ضمنه وضمان استقلالية قراره، والعمل وفق ما تقتضيه مصلحة الشعب السوري أولاً. كل سوري حمل السلاح ضد نظام الأسد المستبد وحلفائه هو وسام على صدر الوطن، وعزٌ وفخار، ودعمه واجب شرعي وأخلاقي ووطني ما لم يقع منه تجاوزٌ أو تعدٍ على حقوق أو كرامة سوري آخر. وإن أي تجاوزات في هذا الشأن تتم معالجتها من قبل هيئة قضائية سورية مستقلة يختارها الشعب السوري. إن إنهاء الحالة الفصائلية تتطلب حلّ قادة الفصائل الثورية لفصائلهم والانخراط في إطار مؤسسة عسكرية وطنية احترافية، سيدة لقرارها، بالتزامن مع إيجاد شرعية نيابية للثورة السورية تدير هذه المؤسسة.
  5. من الضروري إدارة العلاقات الداخلية في المناطق المحررة وداخل الثورة على مبدأ التوافق والتسامح، واللجوء للآليات الديمقراطية عند الاختلاف، وذلك لنتمكن من تحقيق أهداف ثورتنا ومصالح شعبنا.
  6. من الضروري بناء مؤسسات الثورة بشكل مهني وحضاري، وأن يكون شعار العمل في الثورة التشاركية والعمل الجماعي، والابتعاد عن كل ما قد يفرق صف الثورة في خضمّ معركتها مع نظام الأسد وحلفائه.
  7. استقلالية القرار الوطني السوري، وعدم ارتهانه لجهات خارجية، مسألة وجودية للثورة السورية، مع تأكيدنا على ضرورة العلاقات المتميزة والتعاون الدائم مع الدول الداعمة لنضال شعبنا السوري، والتي قدمت وما تزال الكثير للتخفيف عن معاناة شعبنا واختصار آلامه.
  8. نؤكد أنَّ مختلفَ مكوّنات المجتمع من شخصيات ورموز ووجهاء ومؤسسات المجتمع المدني، والتجمّعات الشبابية والطلابية والنقابية والنسائية، العاملة من أجل تحقيق أهداف الثورة السورية، هي روافد مهمّة لعملية البناء المجتمعي ولمشروع الاستقلال.

رابعاً: الدولة السورية القادمة (نظرة على سورية المستقبل)

  1. تحديد نظام الحكم في سورية المستقبل هو حق حصري للشعب السوري بكامل أطيافه وتوجهاته، وإلى حين تمكن الشعب السوري من تقرير مصيره بنفسه، فإننا نرفض أي وصاية عليه، أو أي إلزام له بما يسمى بمبادئ فوق دستورية، أو تقييد لحريته تحت أي ذريعة كانت.
  2. نرى ضرورة أن تحقق الدولة السورية القادمة الشروط الموضوعية لتحقيق الاستقرار والممارسة السياسية من خلال الآليات الديمقراطية ونزع فتيل أي أزمة لاحقة قد تفجر الأوضاع في سورية مجدداً.
  3. سورية جزء من الأمة العربية والإسلامية، ويجب الحفاظ على هوية المجتمع السوري وتعزيز منظومة قيمه، ولا يمكن بحال أن يُصادم الدستور عقيدة الأمة وهويتها وأهمّ ما فيها الإسلام كحامل جامع لهوية وثقافة وقيم وأخلاق المجتمع السوري، وتكون حرية الاعتقاد مصونة، وتحترم الدولة جميع الأديان السماوية، وتكفل لها حرية القيام بجميع شعائرها.
  4. الحفاظ على وحدة سورية أرضاً وشعباً وصيانة استقلالها ووحدة شعبها ورفض جميع مشاريع التقسيم والمحاصصة السياسية أو الطائفية تحت أي شعارات أو توافقات خارجية لا تراعي مصالح السوريين.
  5. اللغة العربية هي اللغة الرسمية لسورية، تقوم الدولة برعايتها والاهتمام بها، ويحق للمجتمعات المحلية تبني لغاتها الخاصة بها إلى جانب اللغة العربية في دوائر التعليم والممارسات الحكومية ضمن الأطر اللامركزية المحلية.
  6. الكرد هم مواطنون سوريون، شركاء في ثورة العز والكرامة ، تعترف الدولة بهويتهم الثقافية كاملة غير منقوصة، ولا يكون الانتماء الكردي سببا للتحيز ضد المواطنين الكورد، أو حرمانهم من حقوق وواجبات المواطنة كاملة. ويكون للكرد، كما لغيرهم من السوريين، الحرية في تشكيل الأحزاب والتجمعات السياسية، كما ينبغي تصحيح ومراجعة كافة الاحصائيات والمسوحات السكانية، وخاصة "الإحصاء الجائر" لعام ١٩٦٢، ومعالجة القرارات الإدارية الناتجة عنها وخاصة المتعلقة منها بالحرمان من الجنسية وكتمان القيد.
  7. إقامة العدل على أسس متينة يضمن لكل إنسان حقه دون رهبة أو تحيز، ويكون ذلك بدعم القضاء وتوطيد استقلاله من خلال تفعيل الفصل ما بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية. لا بديل عن المساواة والعدل بين جميع المواطنين في حقوقهم وواجباتهم بغض النظر عن دينهم وعرقهم ولغتهم وانتماءاتهم الحزبية والفكرية، والتأكيد على مبدأ تكافؤ الفرص وضمان الحريات.
  8. بما إن سورية جزء من العالم العربي والإسلامي يجب على الدولة السورية القادمة أن تعمل على توطيد أواصر التعاون مع شعوب ودول العالم العربي والإسلامي.
  9. سورية جزء من محيطها الإقليمي والدولي وستسعى من جديد للعب دور إيجابي ورائد في المجتمع الإقليمي والدولي وإقامة علاقات مثمرة وبناءة مع الدول والمنظمات الدولية، لتعود الدولة السورية فاعلة في إطارها الإقليمي والدولي كما شاركت سابقا بتأسيس الأمم المتحدة ومنظمة المؤتمر الإسلامي والجامعة العربية، وغيرها من المؤسسات الإقليمية والدولية.

خامساً: الوحدة الوطنية

  1. إن الخيار الوحيد للعمل من أجل سورية المستقبل هو خيار العمل الوطني، الذي يتكاتف فيه الجميع -دون إقصاءٍ لأحدٍ – من أجل تحرير وبناء سورية المنشودة.
  2. إن التنوع الكبير في نسيج المجتمع السوري، ليس عائقاً أبداً في وجه الوحدة الوطنيةالدولة السورية المنشودة، فالسوريون على مرّ التاريخ قدموا نماذج رائعةً في التسامح والتعايش المشترك، وإن العقد الاجتماعي العادل الذي ينصف جميع مكونات الشعب السوري هو الضامن الأهم لذلك.
  3. عمل النظام على تقطيع أوصال النسيج المجتمعي السوري وإضعاف الثقة بين مكوناته واعتمد مبدأ الولاء والانتقائية الطائفية في مفاصل الدولة وأجهزتها الامنية والعسكرية ومدخلاً للفساد والمحسوبية على حساب المواطنة والانتماء مما أشعر غالبية المكون السني بالتهميش والإقصاء عن السلطة، لذلك لا بد من إعادة حقوق هذه الأغلبية كي تكون سواءً مع المكونات السورية الأخرى وتلعب الدور المستحقّ والمطلوب منها، وتعمل الدولة على دعم إقامة التعايش المشترك بين جميع مكونات الشعب السوري، القائم على أخذ الحقوق كاملةً واحترام الخصوصيات الثقافية.