رؤية تيار سورية الجديدة فيما يتعلق بملفي الاعتقال والاختفاء القسري

تاريخ النشر - 2023-02-27

رؤية تيار سورية الجديدة فيما يتعلق بملفي الاعتقال والاختفاء القسري

 

انتهج النظام السوري في عهدي حافظ الأسد وبشار الأسد  سياسة الاعتقال التعسفي ثم الاخفاء القسري (في أغلب حالات الاعتقال التعسفي) فضلاً عن التعذيب والمحاكمات الصورية والإعدام خارج إطار القضاء كأدوات ناجعة وأساسية في إخضاع  وإرهاب ثم ابتزاز المجتمع السوري وفرض القبضة الأمنية  كناظم أساسي لضبط العلاقة بين الدولة والمجتمع وداخل الدولة نفسها، فضلاً عن التأسيس لشبكات من المنتفعين على حساب معاناة أهالي المعتقلين والمفقودين  واستخدام النظام لهذا الملف في بعض الأوقات كوسيلة لاختراق المجتمعات  والتأثير  على العلاقات المجتمعية، ومع انطلاق الثورة  أعاد النظام توسيع دائرة الاعتقال والإخفاء القسري ومنح صلاحيات واسعة لرتب متدنية للقيام بعمليات الاعتقال التعسفي دون الحاجة للعودة للرتب الأعلى ، كما أدار النظام ملف الاعتقال والإخفاء القسري منذ أيام الثورة الأولى بما يخدم استراتيجيته فيما يخدم ما أطلق عليه إدارة الأزمة على مستوى التعاطي الداخلي مع الحراك  وحواضنه أو سردية النظام وخطابه الإعلامي الموجه للخارج بشكل أساسي  وأيضاً اتصالاته الدولية فيما يتعلق بالعملية السياسية، حيث كان يعتمد بالإضافة لتوسيع دائرة الاعتقال إلى إصدار الكثير من مراسيم العفو  التي تجاوزت ال٢٣ مرسوم عفو ، في حين قدرت المنظمات الحقوقية السورية أعداد المعتقلين لدى النظام ولدى بقية سلطات الأمر الواقع ب ١٥٥ ألف حالة اعتقال وإخفاء قسري بالحد الأدنى  منهم ما يزيد عن ٣٠٠٠ طفل و ٦٥٠٠ امرأة فيما يتحمل النظام المسؤولية عن ٨٧٪ من حالات الاعتقال والإخفاء القسري، حيث لم تؤدي مراسيم العفو الكثيرة خلال العقد الأول من عمر الثورة في التقليل من هذه الأرقام، وتتوزع أعداد المعتقلين والمختفين قسراً على مئات مراكز التوقيف والسجون السرية والعلنية والرسمية وغير الرسمية المنتشرة على امتداد الأراضي السورية.

رؤية تيار سورية الجديدة فيما يتعلق بملفي الاعتقال والإخفاء القسري

تتمحور رؤية تيار سورية الجديدة  فيما يخص ملفي الاعتقال والإخفاء القسري باعتبارها ملفات حقوقية إنسانية في نفس الوقت وليست ملفات تفاوضية إلا أنها في الوقت نفسه  تحكم سير العملية السياسية  وتربطه بإيجاد حل لقضية المعتقلين المختفين قسراً ووقف ابتزاز عائلاتهم وترهيبهم وذلك وفق منظور الضحايا والناجين وعائلات المختفين قسراً ، وهو المنظور الذي يعتبره التيار الحد الأدنى الذي لا يمكن  انجاز عملية سياسية بدون تحقيق شروطه  كما هو الحال فيما يتعلق ببقية الملفات الحقوقية والإنسانية الأخرى، كما لا يفصل التيار  بين الكشف عن مصير المفقودين غوإطلاق سراح المعتقلين من جهة وبين ملف المحاسبة وجبر الضرر والإصلاح المؤسسي وتخليد الذكرى، لكن التيار  يراعي في حل هذه القضايا التدرج في العملية السياسية التي يراها التيار مقسمة إلى ٣ مراحل زمنية هي مرحلة التحضير للتفاوض السياسي ومرحلة التفاوض السياسي ومرحلة الحل أو الاتفاق السياسي وما بعده، وستشرح التوصيات المرتبطة برؤية التيار هذا التدرج .

كما يؤكد تيار سورية الجديدة على أهمية العمل على منع حالات الابتزاز المالي لأهالي المعتقلين والمختفين قسراً والتي يستخدمها النظام وتابعوه كوسيلة لاستدامة آلة القمع والبطش بحق المواطنين السوريين ولتلافي الآثار السلبية للعقوبات المفروضة على النظام، وذلك عبر فضح هذه الممارسات والشبكات والشخصيات القائمة عليها ووضعها على لوائح العقوبات الدولية.

توجهات عمل التيار فيما يتعلق بملفي الاعتقال والاختفاء القسريين

يوجد لدى التيار استراتيجية عمل تفصيلية يمكن أن يتناول منها في هذه الورقة ٣ مستويات عمل أساسية يقتصر على في هنا في الإشارة إلى أول مستويين وشرح المستوى الثالث المرتبط باستحقاقات العملية السياسية فيما يتعلق بملفي المعتقلين والمختفين قسراً:

من تشكيل إدارة خاصة في التيار تتابع تنفيذ رؤية التيار التي تنطلق رؤية التيار للعمل على ملف المعتقلين وملف المختفين قسراً من ٣ محاور أساسية:

  • مستوى الإدارة الوطنية لملف المعتقلين والمختفين قسرياً؛
  • مستوى المناصرة السياسية؛
  • محور الاستراتيجية التفاوضية

حيث يتم تقسيم الجهد السياسي فيما يتعلق بالملفين وبالتنسيق مع المنظمات الحقوقية والجهات الوطنية العاملة عليهما  وفق الآتي:

أولاً: مرحلة ما قبل التفاوض أو التحضير للتفاوض وتركز جهود التيار السياسية على منع أي انخراط في العملية السياسية بما فيها التفاوض قبل قيام الطرف الآخر بإجراءات بناء للثقة يمكن إجمالها بالآتي :

  • الكشف عن مصير المفقودين؛
  • السماح بزيارات لمراكز التوقيف السرية والرسمية من قبل المنظمات الدولية؛
  • تجميد العمل بالأحكام الصادرة المواطنين السوريين على خلفية الثورة والحرب والصادرة عن القضاء المدني والقضاء العسكري ومحاكم الميدان العسكرية ومحاكم الإرهاب؛
  • وقف التعذيب في السجون ومراكز التوقيف وأفرع التحقيق تحت أي مبرر وتحسين المعاملة هناك للمدنيين والعسكريين على حد سواء؛
  • نقل المدنيين إلى سجون مدنية؛
  • الافراج عن النساء والأطفال وكبار السن ومرضى العضال مع إمكانية فرض قيود يتم التفاهم حولها على حركة المفرج عنهم الذين لم تسقط دعاوى الحق الشخصي بحقهم؛
  • تحتفظ المنظمات الحقوقية بحقها برصد أي انتهاك لإجراءات بناء الثقة السابقة وعليه يحق للطرف السياسي المعارض /الثوري تعليق المشاركة بالعملية السياسية برمتها.

ثانياً: العملية التفاوضية

مع إطلاق العملية التفاوضية يتم إخلاء سبيل كل المعتقلين ومن بقي حياً ممن تم الكشف عن مصيره وفق الآتي:

  • الإفراج عن كافة المعتقلين والمفقودين على خلفية الأحداث،
  • إغلاق السجون السرية وسجون صيدنايا وتدمر والبالونة العسكريين الرسميين ومنع الاعتقال التعسفي؛
  • إلغاء محاكم الميدان ومحكمة الإرهاب ؛
  • ضمان أحقية المنظمات الدولية والمنظمات السورية الحقوقية بالقيام بزيارات مفاجئة لمراكز التوقيف والاعتقال.

ثالثاً: مرحلة الحل السياسي/ الانتقال ومابعد الاتفاق

  • تشكيل لجان حقيقة للكشف عن الانتهاكات وظروف وقوعها ومكان الانتهاك وزمنه والمتسبب به وضحاياه؛
  • الإصلاح القانوني والدستوري والقضائي؛
  • المساءلة الجنائية والمحاسبة؛
  • إعادة هيكلة وتنظيم المؤسستين الأمنية والعسكرية؛
  • جبر ضرر الضحايا وتعويضهم مادياً ومعنوياً؛
  • تعويض / جبر ضرر من لم تنصفهم المحاسبة؛
  • تضمن المراحل السابقة جميعاً عدم تكرار الانتهاكات في المستقبل؛
  • تخليد الذكرى
  • تخليد ذكرى الضحايا
  • تخليد ذكرى المؤسسات المسؤولة عن الانتهاكات لتذكير الأجيال القادمة بأهمية عدم السماح بتكرار هذه الانتهاكات