موقف تيار سورية الجديدة من الجيش والأمن

تاريخ النشر - 2022-12-13

موقف تيار سورية الجديدة من ملف الجيش والأمن

 

بدأت مرحلة الانقلابات العسكرية التي كان أولها عام 1947، وآخرها انقلاب حافظ الأسد على السلطة عام 1970، منذ تأسيس الجيش العربي السوري عام 1945، والذي كان جيش المشرق نواته الأساسية، ذلك الجيش الذي أسسه الاحتلال الفرنسي لحماية مصالحه واعتمد فيه توزيعاً طائفياً لا يتناسب مع التوزع الطبيعي لمكونات الشعب السوري.

منذ انقلاب حافظ الأسد 1970 وحتى الوقت الراهن تمكنت سلطة الانقلاب من إعادة بناء الجيش وفق عقيدة قتالية وتقسيمات إدارية تخدم السلطة وتعزز سطوتها، وكان أداة قمعية ممنهجة لقمع الثورة السورية، وأصبحت كلا المؤسستين (الجيش والأمن) منخرطتان كلياً في عمليات القتل والتهجير، وتفككت المنظومتين داخلياً لاقتسام روسيا وإيران نفوذهما، حتى وصل للوضع الحالي الذي يشير لعدم الحفاظ على قرار سيادي موحد لصالح سوريا بقدر ما يحقق طموحات ورغبات موسكو وإيران، وإن كانت لا تبدو هذه الظاهرة جلياً في هذه المرحلة، بسبب وجود مناطق واسعة من سوريا خارجة عن سيطرة النظام (شرق وسمال سوريا) إلا أنها سوف تكون معلنة ومؤثرة على السياق السياسي في حال هدأت وتيرة المعارك والتهديدات العسكرية من قبل الأطراف.

الإشكاليات

  • انخرطت مؤسسة الجيش والأجهزة الأمنية بشكل كامل في قمع أي حراك مدني أو سياسي في سوريا ودخلا كلاهما في مواجهة مفتوحة مع الشعب الذي طالب بالحرية في عام 2011، مما يجعل إمكانية قبول المؤسستين بوضعهم الحالي مستحيل من قبل الشعب وحتى المجتمع الدولي، فمن كان فاعلاً في القتل والدمار وتشريد المدنيين لا يمكن أن يكون شريكاً -بوضعه الحالي- في بناء سوريا الجديدة دون محاسبة وإعادة تشكيل جديدة تتوافق مع الرؤى والتطلعات الوطنية.
  • أسند النظام خلال الأعوام السابقة القيادات المفصلية في الجيش والأمن لشريحة موثوقة لديه، وجعل من الانضمام للجيش والأمن من قبل الطائفة العلوية هدفاً مبرراً لهم، حيث أشاع بين المكون العلوي إن الانتساب لكلا المؤسستين هو حماية، وهي تخوفات غير مبررة واقعياً لكنها دعمت سلطة النظام وشكلت بطانة عسكرية وأمنية قوية حولها، كان لها الدور الأبرز في تطبيق خطة النظام العسكرية والأمنية بعد عام 2011.
  • سنوات الحرب الأخيرة استنفد فيها الجيش طاقاته العسكرية سواء على صعيد العنصر البشري أو الترسانة العسكرية، حيث تشير بعض التقديرات إلى إن خسارة سوريا أكثر من 70٪ من التسليح العام الذي يشمل الاستراتيجي والعادي، وهذا الأمر يؤثر حتماً على إعادة بناء القدرات العسكرية ويثقل أعباء الدولة القادمة بتحمل عقود الاستجرار العسكري.

إعادة هيكلة الجيش والمؤسسات الأمنية

(المجلس العسكري/ عملية الدمج) تحتاج هذه النقطة لنقاش مستفيض حول تشكيل المجلس العسكري، من يشكله وكيف يقوم بأمرين يحددان وضع القوة العسكرية:

  • عملية المحاسبة واستبعاد الضباط والعناصر المتورطين في قتل الشعب السوري
  • دمج المجموعات العسكرية وتحديد آلية لهذه العملية، مع استبعاد المجموعات التي شاركت في قتل السوريين سواء ضمن الجيش السوري أو الميلشيات الرديفة التي تشكلت بعد الثورة.

إن الهيكلية الجديدة المتوقعة في الجيش والأجهزة الأمنية لا تعتمد فقط على عملية التوحيد في الكيانات بل تساهم في بناء عقيدة القوات المسلحة وإعادة تشكيلها وتحولها من حماية النظام إلى حماية الدولة الوطنية، والفصل بين مفهومين جعل القوة العسكرية والأمنية منضبطة لدى الدولة وبين احتكار هذه القوة لدى النظام، وفي سبيل ذلك يمكن الاستئناس بتجارب سابقة لإعادة بناء الجيش والأمن ومنها التجربة الاسبانية.

موقف التيار

  • الجيش والأجهزة الأمنية مؤسسات وطنية تعمل لصالح الشعب والدولة وليس ملكاً للسلطة.
  • ضمن مفهوم العدالة الانتقالية، لا يمكن إعادة بناء الجيش والأجهزة الأمنية دون محاسبة المتورطين من داخل هذه المؤسسات وضمان عدم مشاركتهم في جيش سورية الجديد، وانتفاء هذا الشرط يعرض المشروع المستقبلي للفشل ويفتح الباب لحالات ثأرية ولاستمرار الصراع بين الجيش والأمن من جهة والشعب من جهة أخرى، عبر تشكيل محاكم عسكرية. وضمن شرط العدالة الانتقالية يجب المحافظة على الحد الأدنى من الأصول المادية والخبرات البشرية التي يمكن الاستفادة منها في المؤسسات العسكرية والأمنية الجديدة.
  • المهمة الأساسية للجيش هو حماية الحدود البرية والبحرية والجوية للدولة، ومعه يجب أن يكون توزع القطعات العسكرية ضمن الجغرافية السورية مدروسة بما يتناسب مع طبيعة المخاطر الخارجية، ويمنع مشاركة الجيش في أي عمليات داخلية إلا بموافقة برلمانية تحدد الهدف والمدة، (على سبيل المثال اشراك الجيش مع جهاز الشرطة لضبط الأمن وإنهاء النزاعات الداخلية).
  • يجب عدم مشاركة الجيش والأجهزة الأمنية في الانتخابات والحياة السياسية.
  • بناء جيش قوي يتلاءم مع التحديات والواقع الذي تعيشه سوريا يخفف من التدخلات الدولية والاعتماد على جهات خارجية، ويكون هو الضامن للمشروع السياسي الناجح للدولة.
  • نؤكد على مركزية الجيش والأجهزة الأمنية في الدولة الوطنية على أن يعكس توزع المناصب في هذه المؤسسات التوزع الطبيعي لمكونات الشعب السوري.
  • تبنّي قرار تفكيك الأجهزة الأمنية كاملة وإعادة بناء جهاز المخابرات العامة الذي يشرف على الملفات الأمنية بأقسامها السياسية والعسكرية والمدنية.
  • يجب وضع أسس إدارية وقانونية سليمة لإعادة بناء الجيش والأجهزة الأمنية، وفق الأعراف الدولية، وتأهيل هذه المؤسسات بحيث تحافظ على حقوق الإنسان وتكون داعمة لإرساء الأمن والاستقرار وبناء الدولة الوطنية.