موقف تيار سورية الجديدة من قضايا المرأة

تاريخ النشر - 2022-12-10

موقف تيار سورية الجديدة من قضايا المرأة

 

يقصد عادةً بقضايا المرأة، القضايا المتعلقة بأدوار المرأة في المجتمع وتقييم مدى مشاركتها في الحياة العامة وتمتعها بالحقوق وأدائها الواجبات في إطار المواطنة. وتختلف معالم هذه القضايا باختلاف ثقافة المجتمعات وخصوصيتها، كما تتفاوت بحسب الزمان والمكان. وفي هذا السياق، ظهرت عدد من الحركات المطالبة بحقوق المرأة، رداً على الممارسات الظالمة تجاهها تحت ذرائع مختلفة، وللمطالبة بتمكين المرأة وإنصافها من حيث الحضور والمشاركة في الحياة العامة وصنع القرار، على اختلاف تلك الحركات وانتماءاتها الإيديولوجية ودوافعها.

وبالنظر إلى أن التوجهات المطالبة بحقوق المرأة تتلاقى حيناً وتتنافر أحياناً، وباعتبار التنوع الثقافي المتأصل في مجتمعنا وتشابُك جزء من قضايا المرأة بشؤون الأسرة والمجتمع على الجملة. فإننا في تيار سورية الجديدة نؤكد على ضرورة مشاركة المرأة في الحياة العامة، وتمكينها من أدوات الحضور والفعالية على قدم المساواة مع الرجل، وإنصافها من حيث الحقوق والواجبات في ظل المواطنة. ويرى التيّار محوريّة هذه القضايا، فالمرأة تشكل نصف تعداد المجتمع أو يزيد،  وتزداد الحاجة إلى التركيز على هذه القضايا في الواقع  الذي أنتجته الثورة السورية، والتحديات التي واجهها المجتمع السوري خلال قرن من الزمان وتبعاتها الإنسانية والاجتماعية التي طالت المرأة والرجل على حدّ سواء.

يرى التيّار أن أي سياسة أو قرار أو برنامج يمكن أن يؤثر بشكل مختلف على كل من النساء والرجال، كما أن تأثير كل من الجنسين على أي سياسة أو قرار أو برنامج يمكن أن يكون مختلفاً،  وفي هذا الاختلاف يكمن التوازن البشري وثراء التجربة الإنسانية.

إن التمكين المشروع للمرأة وفق إطار يراعي خصوصية المجتمع  وقيمه ومثله وأخلاقه ودينه هوحق  من حقوقها ويجب منحها  فرصها كاملة سواءً في الشؤون الدينيّة أو العلميّة أو السياسية أو الاجتماعية  وغيرها، ولا سيّما تقلّدها في ذلك كلّه المراتب المُستحقّة دون إنقاص ومنها: المساواةُ في الأجور والفُرص، وذلك كله وفق طبيعتها، ومعايير االكفاءة والتكافؤ العادلِ بين الجميع.

إننا في تيار سورية الجديدة نرى أن الموقف الرشيد من قضايا المرأة ينبغي أن يراعي الفروق بين الذكورة والأنوثة على مستوى أي سياسة أو برنامج تنموي. وأن هذه الفروق فطرة بشريّة،  وهي ثقافة متجذّرة في المجتمع، وتتجلى في تكامل وتوزيع للأدوار، وهي تختلف من مجتمع لآخر، ومن زمان لآخر، وبين ظرف وآخر، ومن هنا كان اختلافنا مع التوجهات التي تحاول محو الفروقات بين الجنسين واختزال التنوع في الحياة البشرية.

أما فيما يخص موقفنا من الحركات التي ظهرت ونشطت تاريخياً في الغرب للمطالبة بحقوق المرأة، فإننا إذ نؤكد فشل استنساخ النظريات السياسية -والاجتماعية خصوصاً- وتطبيقها كقوالب جاهزة خارج سياقاتها التي نشأت ضمنها وظروفها التي طوّرتها، أو حتى تعديل تلك النظريات لإنتاج مسخ هجين، لا هو يتناسب مع الفكر الذي أنتج تلك القوالب؛ ولا هو يلبي احتياجات واقعنا وينسجم مع ثقافتنا. فإننا نؤمن بقدرتنا كسوريات وسوريين على إيجاد البديل الاجتماعي والسياسي الذي تولد فلسفته من رحم حضارتنا وخصوصية مجتمعنا، ويلبي احتياجاتنا ويساهم في حل مشكلاتنا، دون الحاجة إلى الاستنساخ أو الاعتماد على مبدأ رد الفعل.

يرى تيّار سورية الجديدة أن تنظيم العلاقات الاجتماعية بين الرجال والنساء يخضع في الغالب لثقافة المجتمع وهياكله الأهلية وأعرافه. وأن إخضاع تلك الأنماط للقانون وتدخل الدولة قد يحتمل تجريداً لبعض المسائل من خصوصيتها، بسبب قصور القانون في معالجة المسائل الخاصة التي تعتمد على السياق والظرف. أما المسائل التي تتعلق بالحماية من الاضطهاد والاستغلال؛ وحماية الأمومة وضمان تكافؤ الفرص في كل من العمل والتحصيل العلمي؛ وضمان حق المرأة في الميراث وحق المرأة في منح جنسيتها لأطفالها بغض النظر عن جنسية الزوج؛ مع ضمان ظروف العيش الكريم والعدالة الاجتماعية على مستوى الواقع لا على المستوى النظري فحسب، فإننا نؤمن بدور القانون في إنفاذه كما نؤمن بأهمية تعزيزه ثقافياً من خلال من خلال برامج تشرف عليها مؤسسات المجتمع الأهلي والمدنيّ.

نؤكد في تيار سورية الجديدة على قناعتنا بأن القوانين يجب أن تحقق العدالة بين الرجال والنساء ويجب أن يتساوى الجميع رجالاً ونساءً أمام القانون وفي حقوق المواطنة وواجباتها. وفي واقعنا مواضع عديدة تهمَّش فيها المرأة تحت مبررات وذرائع شتّى، ينبغي أن يُلتفت إلى تلك المواضع ويتم العمل على إصلاحها، بما يمكن المرأة من الحضور والفعالية، وينهض بالمجتمع وأفراده في ظل مبادئ العدالة الاجتماعية والحياة الكريمة.